دور المرأة الجزائرية في الميدان السياسي
مقدمة :
إذا كان التاريخ يشهد أنّ المرأة الجزائرية في القديم ودون سلخها عن طبيعة أغلبية المجتمعات في ذلك العهد ، قد استطاعت بحيويتها و قوتها وكفاءتها أن تعمق على الدوام مظاهر ومعاني الاحترام والتقدير لها وسط الأسرة والمجتمع ، وأن توسّع مشاركتها في الحياة اليومية العامة بكل مجالاتها في الحرب والسّلم ، مع وجودها كقاعدة أساسية للأسرة ، وإذا كانت مراحل معينة من هذا التاريخ قد سجّلت تولي المرأة لمسؤوليات قيادية كانت فيها صاحبة الأمر والنهي ، و صاحبة الكلمة الأخيرة في جلائل الأمور وقت الشدّة واليسر ، فإنّ مرحلة الكفاح المسلح قد أعطت للمرأة مجالاً أوسع إلى جانب أخيها الرّجل حيث أنّ حرب التحرير قد أعطت أهمية كبرى لتواجد المرأة في صفوف المجاهدين ، وقد وردت في وثيقة مؤتمر الصومام الإشارة التالية :
" كانت مساعدة الطلبة والطالبات كبيرة النّفع لا سيما في الميدان السياسي والميدان الإداري والميدان الصحّي " ممّا يبين أنّ المرأة والفتاة المتعلّمة وضعت منذ البداية كفاءتها رهن إشارة الثورة . أمّا تحت عنوان : " الحركة النسائية " فنجد مؤتمر الصومام يحيّ بإعجاب وتقدير المرأة الجزائرية الشُجاعة " توجد في الحركة النسائية إمكانيات واسعة تزداد وتكثر باطراد وإنّا لنحي بإعجاب وتقدير ذلك المثل الباهر الذي تضربه في الشجاعة الثورية للفتيات والنساء الزوجات والأمهات ... جميع أخواتنا المجاهدات اللائي يشاركن بنشاط كبير وبالسلاح أحيانا في الكفاح المقدس من أجل تحرير الوطن . "
وفي جوان 1962 قبيل إعادة الاستقلال نوّه مؤتمر طرابلس بالدور المنوط بالمرأة أثناء الكفاح المسلح وحدد برنامجه الدور الذي ستؤديه في المستقبل وهو دور مواطنة تتمتع بكامل حقوقها السياسية والاقتصادية .
التنظيم النسائي
لقد تكوّنت أول بذور التنظيم النسائي في الجزائر سنة 1945 وبرزت المنظّمة في سنة 1947م باسم (جمعية النساء المسلمات الجزائريات ) التي تلاشت بعد انطلاق ثورة أول نوفمبر حيث اندمجت ككل القوى الوطنية دون تمييز وانصهرت في بوتقة الثورة .
و إننا نجد المرأة خلا ل الثّورة تمثل المرأة الجزائرية في الملتقيات الدولية النسوية وتسمع صوت الثورة ، وكانت تقابل فيها ، بحماس منقطع النظير ، وتقابل بالعناق وبالمناداة بحرية الجزائر ، وتسجيل تأييدها ودعمها وندائها في بياناتها الختامية ولنأخذ من ذلك تمثيلها للمرأة الجزائرية في المؤتمر الدولي الرابع للاتحاد النسائي الديمقراطي الذي عقد في مدينة فيينا سنة 1958 حيث انطلق صوتها يقول باسم المرأة الجزائرية اطلب من المؤتمر أن يراعى في اللائحة الختامية بأن المرأة الجزائرية لا تطلب في الوقت الحاضر حقوق العمل أو تحسين مستوى العيش ، بل إيقاف هذه الحرب الرّهيبة التي فرضها الاستعمار الفرنسي على الشعب الجزائري الذي يناضل من أجل قضية الحرية والاستقلال .
عن هذه الانطلاقة العملاقة التي أتاحتها جبهة التحرير الوطني ، التي حمّلت مشعل الثورة للمرأة ، بحيث سارت بشكل تلقائي على ضوء توجيهات وعمل هذه الجبهة في الطريق الصحيح لحرية المرأة ، في حين أن المرأة الجزائرية وُضعت على المحك الحقيقي ونجحت بتفوق في امتحان عسير لقدرتها و وطنيتها و طاقتها واستعدادها للتضحية حتى تحقيق النصر ، ولذلك جاء في ميثاق طرابلس : " إن مشاركة المرأة الجزائرية الفعّالة في الحرب التحريرية تعطيها حق المشاركة بصفة كلية في النشاط العام لتطوير البلد و يجب على الحزب مساندة النشاط النسائي وتحميل المرأة المسؤولية ، حسب كفاءتها في إطار العمل من أجل الوطن " وفي ميثاق الجزائر : " يجب أن يزيل الحزب جميع عراقيل رقي المرأة وازدهارها ويؤكد نشاط المنظمات النسائية " بأن المساواة بين الرجل والمرأة يجب أن تكون أمرًا واقعًا وينبغي للمرأة الجزائرية أن تكون قادرة على المشاركة الفعلية فيس النشاط السياسي وفي بناء الاشتراكية بالنضال في صفوف الحزب والمنظمات القومية والنهوض بمسؤوليات فيها .